Log in
الساعة
Latest topics
اقبال الزوار على المنتدى
.: عدد زوار المنتدى :.
Search
لمسات بيانية في سورة الناس
2 posters
Page 1 of 1
لمسات بيانية في سورة الناس
المعوذتان هما سورتان في القرآن الكريم جمعتا الإستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفيّة والواقعة على الإنسان من الخارج والتي تصدر منه من الداخل. فسورة الفلق تضمنت الإستعاذة من الشرور الظاهرة والخفية الواقعة على الإنسان من الخارج ولا يمكن للإنسان دفعها ولا سبيل لذلك إلا بالصبر لأن الإنسان الصابر إذا صبر على هذه الشرور ينال الأجر من الله تعالى على صبره ويزيد في ميزان حسناته لأن الله تعالى يجزي الصابرين.والشر في سورة الفلق مما لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه فهو غير محاسب عليه
أما سورة الناس التي بين أيدينا فهي سورة الإستعاذة ؛ من سور الإنسان الداخلية (النابعة من نفسه) وهي التي تقع على الإنسان نفسه أو على غيره وهي التي يستطيع الإنسان أن يدفعها ويتجنب ظلم النفس والآخرين وهذه الشرور إذا وقع فيها الإنسان يكون في صحيفة سيئاته.والشر المقصود في هذه السورة هو مما يدخل تحت التكليف ويحاسب عليه المرء لأنه يدخل ضمن ما نُهي عنه .
السورتان جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية.. ما يدخل تحت التكليف (ما جاء في الناس)، وما لا يدخل في التكليف (ما جاء في الفلق) .. ما لا يستطيع دفعه (الفلق) وما يستطيع دفعه (الناس (ما يدخل سجل الحسنات (الفلق) وما يدخل سجل السيئات (الناس.( وكما قال عدد من المفسرين والمحققين: سورة الفلق استعاذة بالله من شرور المصائب وسورة الناس استعاذة بالله من شرور المعايب.
- قوله ( قل أعوذ برب الناس `)
أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجئ وأعتصم بالله.
قل: أمر الله تعالى للرسول r بأن يقول (قل) والأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود. (قل) للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فكلمة (قل) هي من باب الإفصاح والإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا،وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه. وفيها قتل للغرور لأن الكِبر والغرور يمنعان المرء أحيانا من طلب الإعانة وهو في حاجة شديدة إليها، ولأن الذي يطلب المعونة من غيره يمتنع عن الغرور، ولا يكتفي الإنسان بالشعور بالحاجة إلى ربه لكن ينبغي أن يُعلن حاجته لربه سواء أكان الرسول r أو غيره من الناس.
قالوا أتشكو إليه ما ليس يخفى عليه فقلت ربي يرضى ذل العزيز لديه
قل: في هذا الإعلان قتل بل علاج للكبر والغرور الذي في نفس الإنسان والذي قد يودي به إلى الطغيان. (إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) لذلك لابد من قولها باللسان ولا يجوز النطق بالاستعاذة دون الأمر (قل( وهذا القول من أسباب الطاعة فإذا استعنا بالله ليعصمنا من الشرور فإنها من أسباب الطاعة له سبحانه. وإذا صاحب الإستعاذة شعور بالنفس بالحاجة إلى غياث المستغيثين ليأوي إلى ركن شديد فهذا الشعور بالحاجة إلى مولاه فهذا الشعور يُلين القلوب القاسية.
- قوله ( قل أعوذ برب الناس ` ملك الناس ` إله الناس `)
الإستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخنّاس. فالمستعاذ منه شرّ واحد والإستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة. وهذا بخلاف ما جاء في سورة الفلق حيث كانت الإستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة. وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسة على الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذه الوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة، أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة .
وجاء الترتيب في سورة الناس على الشكل التالي: رب، ملك، إله. فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن له خبرة وتجربة ليرشده وليشير عليه بما يفعل وهذا هو شأن الربّ أي المربي فهو المرشد والمعلم والموجه ولذا بدأت الآيات به (رب الناس). فإذا لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها أي الملك (ملك الناس) فإن لم تُجدي السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية، فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله. والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام .. والإلحاد .. وتحتاج إلى تذكير.
وقد تدرّجت الآيات من الكثرة إلى القلّة فالربّ هو المرشد الموجّه وقد يكون هناك العديد من المرشدين والمربّين في المجتمع لكن لكل دولة ملك واحد والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد للكل فانتقل في السياق من الكثرة للقلة من حيث دلالة الكلمة بالعدد (الرب كثير، الملك أقلّ وأما الإله فهو واحد).
وردت كلمة الناس 3 مرات في السورة وكل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها نوضحها فيما يلي:
كلمة " الناس " تُطلق على مجموعة قليلة من الناس أو واحد من الناس أو كل الناس.
والربّ هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة أو كثيرة، أما الملك فناسه أكبر من ناس المربي وأما الإله فهو إله كل الناس وناسه الأكثر حتماً. فلو جاءت الآيات برب الناس وملكهم وإلههم لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس (ناس الرّب) دون أن يشمل غيرهم ولما تحدد أي مجموعة من الناس. لذلك لا يغني الضمير هنا، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورا صريحا، لأن لكل معنى مختلف.
. وكلمة الناس من حيث دلالتها العديدة في السورة تنتقل على عكس كلمة الرب والملك والإله من القلّة إلى الكثرة. فالتدرج في الصفات بدأ من الكثرة إلى القلة، أما في المضاف إليه (الناس) فبالعكس من القلة إلى الكثرة، فناس المربي أقل، وناس الملك أكثر، وناس الإله هم الأكثر.
ولم تأتي الآيات في السورة بواو العطف فيما بينها ولا يجوز أصلاً أن يقول (برب الناس وملك الناس وإله الناس) وإنما جاءت (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) وهذا حتى لا يُظنّ أنهم ذوات مختلفة لأنها هي ذات واحدة فهو سبحانه المربي وهو الملك وهو الإله الواحد.وحتى لا يُظن أن المقصود أكثر من واحد، بل هو واحد سبحانه، فمن أراد الرب يقصد رب الناس ومن أراد الملِك يقصد ملك الناس ومن أراد الإله يقصد إله الناس فلا إله إلا الله
- قوله ( من شر الوسواس الخنّاس ` الذي يوسوس في صدور الناس ` من الجنّة والناس `)
من شر الوسواس الخنّاس: جاءت الآية باستخدام (من شر الوسواس ) وليس (من الوسواس) كما في الاستعاذة من الشيطان : "فاستعذ بالله من الشيطانِ الرجيم"، لأنه هنا لم يحدد الشيطان، بل قال : من الجِنّة والناس، فجعل الوسواس قسمين: من الجِنّة أو من الناس . قد يكون الوسواس من الجِنّة أو من الناس فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" كما قال تعالى على لسان الجن في سورة الجن، لذا لا يصحّ الإستعاذة من الجِنّة عموماً وكذلك الناس نحن نستعيذ من الظالمين والأشرار من الناس وليس من الناس كلهم جميعاً ولذا جاءت الآية بتحديد الاستعاذة من الشر (من شر الوسواس الخنّاس) وأما الشيطان فشرّ كله لذلك جاءت الآية بالاستعاذة منها، أما البشر فلا، ورد في الأثر: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)
الوسواس: كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسة ويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث) وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار. وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس لأن الموسوس لا تفيد المبالغة، ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة. وجاءت الإستعاذة بـ(شر الوسواس) وليس شر الوسوسة فقط للدلالة على أن الإستعاذة إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن.
الخنّاس: صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء، وهي أيضا صيغة مبالغة، وتدل على أن الخنوس صار نوعا من حرفة يداوم عليها. عندما يكون للمرء عدو فإنه يحرص على أن يعرف مقدار عدائه ومدى قوته والأساليب التي تمكنه من التغلب عليه أو النجاة منه، وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا أن قصارى ما يستطيع الإنسان فعله هو أن نخنس وسوسته لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله أو فعل أي شيء آخر به وإنما نستعيذ بالله فيخنس الشيطان أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة كما جاء في الحديث: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس)
الذي يوسوس في صدور الناس : ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،فمنها تدخل الواردات إلى القلب، والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان، بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.
من الجِنّة والناس : الوسواس قسمان فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ولذا جاء الآية رب الناس ولم يقل رب الجِنّة والناس لأن الناس لما وقع عليهم الأذى استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلّصهم من شر الوسواس والجِنّة هم الأصل في الوسوسة.وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة، والناس تَبَع، وهم المعتدون على الناس، ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني. والجِنّة هم الأصل في الوسوسة، ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس. وفي آية أخرى في القرآن الكريم وردت الآية بتقديم شياطين الإنس على الجنّ وذلك لأن السياق كان على كفرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة فلذا تقدّم ذكرهم على الجنّ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الأنعام آية 112.
_________________
أما سورة الناس التي بين أيدينا فهي سورة الإستعاذة ؛ من سور الإنسان الداخلية (النابعة من نفسه) وهي التي تقع على الإنسان نفسه أو على غيره وهي التي يستطيع الإنسان أن يدفعها ويتجنب ظلم النفس والآخرين وهذه الشرور إذا وقع فيها الإنسان يكون في صحيفة سيئاته.والشر المقصود في هذه السورة هو مما يدخل تحت التكليف ويحاسب عليه المرء لأنه يدخل ضمن ما نُهي عنه .
السورتان جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية.. ما يدخل تحت التكليف (ما جاء في الناس)، وما لا يدخل في التكليف (ما جاء في الفلق) .. ما لا يستطيع دفعه (الفلق) وما يستطيع دفعه (الناس (ما يدخل سجل الحسنات (الفلق) وما يدخل سجل السيئات (الناس.( وكما قال عدد من المفسرين والمحققين: سورة الفلق استعاذة بالله من شرور المصائب وسورة الناس استعاذة بالله من شرور المعايب.
- قوله ( قل أعوذ برب الناس `)
أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجئ وأعتصم بالله.
قل: أمر الله تعالى للرسول r بأن يقول (قل) والأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود. (قل) للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فكلمة (قل) هي من باب الإفصاح والإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا،وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه. وفيها قتل للغرور لأن الكِبر والغرور يمنعان المرء أحيانا من طلب الإعانة وهو في حاجة شديدة إليها، ولأن الذي يطلب المعونة من غيره يمتنع عن الغرور، ولا يكتفي الإنسان بالشعور بالحاجة إلى ربه لكن ينبغي أن يُعلن حاجته لربه سواء أكان الرسول r أو غيره من الناس.
قالوا أتشكو إليه ما ليس يخفى عليه فقلت ربي يرضى ذل العزيز لديه
قل: في هذا الإعلان قتل بل علاج للكبر والغرور الذي في نفس الإنسان والذي قد يودي به إلى الطغيان. (إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) لذلك لابد من قولها باللسان ولا يجوز النطق بالاستعاذة دون الأمر (قل( وهذا القول من أسباب الطاعة فإذا استعنا بالله ليعصمنا من الشرور فإنها من أسباب الطاعة له سبحانه. وإذا صاحب الإستعاذة شعور بالنفس بالحاجة إلى غياث المستغيثين ليأوي إلى ركن شديد فهذا الشعور بالحاجة إلى مولاه فهذا الشعور يُلين القلوب القاسية.
- قوله ( قل أعوذ برب الناس ` ملك الناس ` إله الناس `)
الإستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخنّاس. فالمستعاذ منه شرّ واحد والإستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة. وهذا بخلاف ما جاء في سورة الفلق حيث كانت الإستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة. وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسة على الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذه الوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة، أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة .
وجاء الترتيب في سورة الناس على الشكل التالي: رب، ملك، إله. فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن له خبرة وتجربة ليرشده وليشير عليه بما يفعل وهذا هو شأن الربّ أي المربي فهو المرشد والمعلم والموجه ولذا بدأت الآيات به (رب الناس). فإذا لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها أي الملك (ملك الناس) فإن لم تُجدي السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية، فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله. والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام .. والإلحاد .. وتحتاج إلى تذكير.
وقد تدرّجت الآيات من الكثرة إلى القلّة فالربّ هو المرشد الموجّه وقد يكون هناك العديد من المرشدين والمربّين في المجتمع لكن لكل دولة ملك واحد والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد للكل فانتقل في السياق من الكثرة للقلة من حيث دلالة الكلمة بالعدد (الرب كثير، الملك أقلّ وأما الإله فهو واحد).
وردت كلمة الناس 3 مرات في السورة وكل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها نوضحها فيما يلي:
كلمة " الناس " تُطلق على مجموعة قليلة من الناس أو واحد من الناس أو كل الناس.
والربّ هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة أو كثيرة، أما الملك فناسه أكبر من ناس المربي وأما الإله فهو إله كل الناس وناسه الأكثر حتماً. فلو جاءت الآيات برب الناس وملكهم وإلههم لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس (ناس الرّب) دون أن يشمل غيرهم ولما تحدد أي مجموعة من الناس. لذلك لا يغني الضمير هنا، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورا صريحا، لأن لكل معنى مختلف.
. وكلمة الناس من حيث دلالتها العديدة في السورة تنتقل على عكس كلمة الرب والملك والإله من القلّة إلى الكثرة. فالتدرج في الصفات بدأ من الكثرة إلى القلة، أما في المضاف إليه (الناس) فبالعكس من القلة إلى الكثرة، فناس المربي أقل، وناس الملك أكثر، وناس الإله هم الأكثر.
ولم تأتي الآيات في السورة بواو العطف فيما بينها ولا يجوز أصلاً أن يقول (برب الناس وملك الناس وإله الناس) وإنما جاءت (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) وهذا حتى لا يُظنّ أنهم ذوات مختلفة لأنها هي ذات واحدة فهو سبحانه المربي وهو الملك وهو الإله الواحد.وحتى لا يُظن أن المقصود أكثر من واحد، بل هو واحد سبحانه، فمن أراد الرب يقصد رب الناس ومن أراد الملِك يقصد ملك الناس ومن أراد الإله يقصد إله الناس فلا إله إلا الله
- قوله ( من شر الوسواس الخنّاس ` الذي يوسوس في صدور الناس ` من الجنّة والناس `)
من شر الوسواس الخنّاس: جاءت الآية باستخدام (من شر الوسواس ) وليس (من الوسواس) كما في الاستعاذة من الشيطان : "فاستعذ بالله من الشيطانِ الرجيم"، لأنه هنا لم يحدد الشيطان، بل قال : من الجِنّة والناس، فجعل الوسواس قسمين: من الجِنّة أو من الناس . قد يكون الوسواس من الجِنّة أو من الناس فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" كما قال تعالى على لسان الجن في سورة الجن، لذا لا يصحّ الإستعاذة من الجِنّة عموماً وكذلك الناس نحن نستعيذ من الظالمين والأشرار من الناس وليس من الناس كلهم جميعاً ولذا جاءت الآية بتحديد الاستعاذة من الشر (من شر الوسواس الخنّاس) وأما الشيطان فشرّ كله لذلك جاءت الآية بالاستعاذة منها، أما البشر فلا، ورد في الأثر: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)
الوسواس: كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسة ويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث) وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار. وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس لأن الموسوس لا تفيد المبالغة، ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة. وجاءت الإستعاذة بـ(شر الوسواس) وليس شر الوسوسة فقط للدلالة على أن الإستعاذة إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن.
الخنّاس: صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء، وهي أيضا صيغة مبالغة، وتدل على أن الخنوس صار نوعا من حرفة يداوم عليها. عندما يكون للمرء عدو فإنه يحرص على أن يعرف مقدار عدائه ومدى قوته والأساليب التي تمكنه من التغلب عليه أو النجاة منه، وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا أن قصارى ما يستطيع الإنسان فعله هو أن نخنس وسوسته لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله أو فعل أي شيء آخر به وإنما نستعيذ بالله فيخنس الشيطان أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة كما جاء في الحديث: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس)
الذي يوسوس في صدور الناس : ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،فمنها تدخل الواردات إلى القلب، والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان، بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.
من الجِنّة والناس : الوسواس قسمان فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ولذا جاء الآية رب الناس ولم يقل رب الجِنّة والناس لأن الناس لما وقع عليهم الأذى استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلّصهم من شر الوسواس والجِنّة هم الأصل في الوسوسة.وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة، والناس تَبَع، وهم المعتدون على الناس، ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني. والجِنّة هم الأصل في الوسوسة، ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس. وفي آية أخرى في القرآن الكريم وردت الآية بتقديم شياطين الإنس على الجنّ وذلك لأن السياق كان على كفرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة فلذا تقدّم ذكرهم على الجنّ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الأنعام آية 112.
_________________
Re: لمسات بيانية في سورة الناس
الفش شكر على المعلومات
مى_تامر- -[عضو مبتدئ]-
-
عدد الرسائل : 41
العمر : 31
المزاج :
علم دولتك :
وظيفتك فى الحياة :
تاريخ التسجيل : 2008-05-26
Page 1 of 1
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum
Mon 1 Apr - 1:15 by Amr Eid
» اقـوى شـركه ربـحيـه ف العـالم ..
Sun 24 Mar - 6:09 by AhMed EMad El-deen
» تحميل برنامج Windows 7 System Recovery Disc ISO (X86-X64)
Fri 15 Mar - 3:23 by countd
» الان وحصريا تعليق عصام الشوالي علي pes 2009 من رفع المنتدي
Sat 10 Nov - 21:54 by lara ecko
» تحميل فيلم Piranha 2010 720p BRRip x264 ShAaNiG
Sun 28 Oct - 6:12 by lamyaa.farouk
» حصرياً وبانفراد تاااام وتحدى فيلم افتراضي In The Mix DVDrip فلم المغني Usher
Sun 7 Oct - 6:30 by didine
» Seven Pounds Dvdscr --Will Smith+مترجم[340Mb]
Wed 12 Sep - 5:37 by فيصل
» Romulus, My Father (2007) DVDRip مترجم
Tue 4 Sep - 1:05 by zico_zikas
» حصريآ البوم ريما خشيش 2009 فلك - Rima Khcheich Full Albom Falak 2009 Cdq
Sun 26 Aug - 5:20 by salah288
» حصريا وبأنفراد تام اغنية"انتى فى دمى"لــعمرو دياب [بمناسبة عيد الام]
Sun 26 Aug - 5:15 by salah288
» حصريا اللعبة المتظرة من الجميع Virtua Tennis 2009 تحميل علي سيرفرات عديدة
Sun 26 Aug - 5:13 by salah288
» حصريا الفيلم الانمي المدبلج بالهجه المصريه الجميل The Incredibles
Sun 12 Aug - 9:11 by engenman
» فيلم Horton hears a who ناطق بللهجه المصرية بمساحه 192 ميجا
Sun 12 Aug - 9:07 by engenman
» مفاجاة المتدي:اللعبة الاقوي Assissanis Creed مضغوطة بحجم 13 ميجا فقط من رفعي الخاص
Wed 18 Jul - 10:18 by mahmoudomar
» حصريا جميع اجزاء اللعبه الشهيرة جدا والاكثر من رائعه Harry Potter Collection | 6 Game
Wed 18 Jul - 10:08 by mahmoudomar
» حصريا اجدد اغنيتين لتامر حسنى :: Yalla Ma3 El Salama & Gamb Edeky :: على العظماء
Mon 16 Jul - 3:36 by evil_monster22
» حصريا للبـنات فقط لعبـِـة Barbie Fashion Show.2009 بمسـاحة 180 ميجا
Mon 11 Jun - 23:38 by namissana